الحرم المكي

04‏/06‏/2013

ألسنتنا مغاريف قلوبنا




... وأما اللفظات/ فحفظها بأن لا تخرج لفظة ضائعة، بان لا يتكلم إلا فيما يرجو فيه الربح والزيادة في دينة، فإذا أراد ان يتكلم بالكلمة نظر: هل فيها ربح وفائدة أم لا؟ فإن لم يكن فيها ربح أمسك عنها، وإن كان فيها ربح نظر: هل تفوت بها كلمة هي أربح منها؟ فلا يضيها بهذه .

وإذا أردت أن تستدل على ما في القلب فاستدل عليه بحركة اللسان فإنه يطلعك على ما في القلب شاء صاحبة أم أبى.



قال يحيى بن معاذ ( القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها ).




فانظر إلى الرجل حيث يتكلم فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه.




حديث أنس المرفوع :( لا يتتقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ) مسند أحمد.




... ترى الرجل يشار له بالدين والعبادة وهو يتكلم بكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالاً ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري ( يقال فرى الجلد: أي مزقه ) في أعراض الناس الأحياء والأموات ولا يبالي ما يقول.




حديث جندب بن عبدالله قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم/ قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من الذي يتأتى على اني لا أغفر لفلان قد غفرت له واحبطت عملك ) 

( يتأتى هو من الأتية: وهي اليمين )



فهذا العابد الذي عبد الله ما شاء أن يعبده أحبطت هذه الكلمة الواحدة عمله كله.




وفي الصحيحين :( قوله صلى الله عليه وسلم/ إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم ).




وفي في حديث رواه الترمذي باسناد صحيح :( قال صلى الله عليه وسلم/ من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه ) 





إن أيسر حركات الجوارح حركات اللسان وهي أضرها على العبد، قال تعالى :( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب الدداء والدواء - للعلامة ابن القيم الجوزية - رحمه الله 
فصل ( حفظ اللسان ) صـــ 234 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق